Gaber Ebrahim, Fathia. (2015). الأصول والمؤثرات في مخططات الکنائس من طراز" التريفويل" في مصر. حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 18(18), 216-243. doi: 10.21608/cguaa.2015.30601
Fathia Gaber Ebrahim. "الأصول والمؤثرات في مخططات الکنائس من طراز" التريفويل" في مصر". حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 18, 18, 2015, 216-243. doi: 10.21608/cguaa.2015.30601
Gaber Ebrahim, Fathia. (2015). 'الأصول والمؤثرات في مخططات الکنائس من طراز" التريفويل" في مصر', حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 18(18), pp. 216-243. doi: 10.21608/cguaa.2015.30601
Gaber Ebrahim, Fathia. الأصول والمؤثرات في مخططات الکنائس من طراز" التريفويل" في مصر. حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 2015; 18(18): 216-243. doi: 10.21608/cguaa.2015.30601
الأصول والمؤثرات في مخططات الکنائس من طراز" التريفويل" في مصر
مدرس الآثار اليونانية والرومانية کلية الآداب-جامعة الإسکندرية .
المستخلص
بدأت العمارة البيزنطية في الجزء الشرقي من الإمبراطورية مع تأسيس القسطنطينية في عام 324م. وانتهت بدخول العثمانيين في 1453م.، وقد بذل الأباطرة والحکام کل الجهود الممکنة أثناء تأسيس القسطنطينية وذلک لإنشاء روما جديدة في الشرق[1].وفي نهاية القرن الرابع الميلادي بعد أن تم الاعتراف بالمسيحية کديانة رسمية للإمبراطورية، حدثت تطورات وتغيرات معمارية في عمارة الکنائس وهي المبنى الأساسي ومحور الاهتمامالأول في تلک الفترة؛أما باقي المباني مثل الحمامات، والجمنازيون وغيرها فلم تختلف کثيرًا عن الفترتين الهيلينستية والرومانية[2]، فيماعدا ظهور استخدام تکنيک مختلف في طرق البناء وهو استخدام الصفوف المتبادلة في البناء،وذلک باستخدام الحجر بالتبادل مع الطوب المحروق[3].
بالتالي لا نستطيع من أول وهلة التمييز بدقة بين کل المباني المسيحية العامة المبکرة عن سابقتها الکلاسيکية، حتى في أماکن العبادة؛ لکن هناک اختلافات بين استخدام المعابد اليونانية الرومانية کمکان للتعبد،واستخدام الکنائس کأماکن للعبادة، حيث أن المعبد اليوناني کان يتميز معماريًا بوجود المساحات التي تتخذ قدسية خاصة من وجودها في إطار المنطقة المقدسة، کذلک المعابد کان بها أماکن سرية ومؤمنة، وتعتمد على الأعمدة في إقامتها؛بينما استخدام الأعمدة في الکنائس کان يميز فقط الأماکن الهامة بها مثل تقسيمها لصالات؛ أو لتمييز المکان المقدس والمذبح، کذلک الکنائس بنيت کلها بغرض العبادة وليست لأداء طقوس سرية
[1]J. S. Curl, Dictionary of Architecture and Landscape Architecture, Oxford University Press, 2000, Byzantine Architecture.
[3]Y. Elder, ''Jerusalem Architectural History: Christian Architecture Through the Ages", in: www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/archaeology/church.html.
یتضح لنا التأثیر الرومانی على مخططات الکنائس من طراز التریفویل،ویظهر ذلک من خلال وجود المشکاوات فی طابقین بداخل الحنایا وهی کانت سائدة فی العمارة الرومانیة فی القرن الثانی المیلادی، کذلک التتابع بین المشکاوات التی یغطیها سقف نصف دائری مع تلک ذات الأسقف المستقیمة کانت شائعة فی شمال أفریقیا فی القرن الثانی المیلادی کما فی مسرح سبراطة فی تریبولیتانیا بلبدة.کذلک لم یستمر استخدام المشکاوات بداخل الحنایا فی الکنائس التی توجد خارج مصر إلا فی شمال أفریقیا أیضًا کما فی کنیسة جستنیان بلبدة فی تریبولیتانیا بلیبیا وقد ظلت المشکاوات المزخرفة سمة ممیزة لعمارة الکنائس المصریة.
من جانب أخر نجد أن التأثیر المعماری للمعابد المصریة القدیمة قد یکون الموحی الأول للکنائس من طراز التریفویل مثلما کان التأثیر المصری هو الملهم الأول للطراز البازیلیکی للکنائس، ولا نستطیع أن نغفل التأثیر الکلاسیکی؛ کذلک الاتجاه إلى عناصر التکوین المصری فی المعابد الفرعونیة الجنائزیة الطابع التی تتمیز بالمحوریة من المدخل حتى قدس الأقداس، تلک الحدود المعماریة نجدها متمیزة فی الطراز البازیلیکی الذی یعتمد على المحور المستقیم من المدخل حتى الهیکل والحنیة. مع ازدیاد ضرورات العمل الطقسی ازدادت عدد الحجرات التی وزعت خلف الهیکل، وهی حجرات خاصة بالقرابین والکهنوت وغیرها من الأمور الطقسیة، تلک الظاهرة نجدها أیضا واضحة فی عمارة المعابد الجنائزیة المصریة التی أحیطت بحجرات متعددة الاستخدامات للآلهة ولأنواع مختلفة من الطقوس الجنائزیة. کذلک التقسیم الثلاثی لقدس الأقداس فی بعض المعابد المصریة کما فی معبد الإلهة إیزیس فی جزیرة فیلای ربما تأثرت به الکنائس من طراز التریفویل کذلک.
یظهر کذلک التأثیر المصری على مخططات الکنائس من طراز التریفویل من خلال تکوین الشکل الخارجی للبناء بشکل خطوط مستقیمة کما فی المعابد المصریة القدیمة وإن الحنایا لاتبرز خارج البناء على النقیض مع النماذج الرومانیة التی تبرز فیها الحنایا مباشرة من الحائط. کذلک وجود بعض العناصر المعماریة المصریة والمتمثلة فی الکورنیش المصری الکافیتو فی الحوائط الخارجیة لبعض الکنائس مثلما فی الدیرین الأبیض والأحمر. أیضاًوجود حاجز أو حائط یفصل بین المنطقة المقدسة والمذبح وجسم الکنیسة ربما کان تأثیرًا مصریًا، حیث یحاط الجزء المقدس من المعبد بمزید من القدسیة والمهابة ولکن عن طریق جعل الضوء یقل فی تلک المنطقة المقدسة.
بالنسبة لمسألة ضرورة وجود ثلاث حنایا فی هذا المخطط فهذا یدعو للتساؤل ماذا کان الهدف من الحنیتین الجانبیتین خاصة إذا لم یکن یوضع بهما مذبح للصلاة وإذا وضع مذبح فإنه لن یکون باتجاه الشرق وهذا غیر مقبول فی الکنائس الشرقیة، ربما فی البدایة لم یکن للحنیتین الجانبیتین أی وظیفة طقسیة دینیة فربما کان مجرد تأثیر معماری مصری خاصة فی تقسیم قدس الأقداس لثلاث حجرات تخصص فی العادة للثالوث المقدس المصری؛لکن ربما خصصت فیما بعد لأداء بعض الطقوس الدینیة المسیحیة.
وعلى هذا یمکن القول أن الطراز المنفذ فی مصر هو طراز مصری نابع من خبرة مصریة متعایشة مع النماذج المصریة والکلاسیکیة فترة طویلة حتى صارت الظواهر المعماریة الکلاسیکیة جزء لا یتجزأ من عمارة العصر، وبالتالی تلک الکنائس لم تنفذ بتوجیه من جانب الأباطرةأی برؤیة عالمیة الطابع فتلتزم بطرز معینة، بل أن المحلیة الشدیدة قد تبدو واضحة فی طرق البناء وأعمال المحار الجصی المبطن للجدران لإخفاء رداءة الأحجار وعدم استوائها.
من هنا فإن ترکز ظهور نمط التریفویل فی کنائس صعید مصر وظهوره فی کنیسة ماریا وربما فی الکنائس المفقودة بالإسکندریة. بالتالی فإن التفاعل المصری مع هذا الشکل المعماری یعبر عن تأصله فی مصر، وخاصة أن النماذج الأخرى التی ظهرت خارج مصر کانت تؤرخ بفترات لاحقة لتلک النماذج المصریة، مما یجعلنا القول بتحدید استقرار الظاهرة وبدایتها فی مصر منذ القرن الرابع المیلادی ثم انتشارها فی الشرق خاصة فی فلسطین وأسیا الصغرى منذ نهایات القرن ذاته وأصبحت أکثر انتشارًا فی القرنین الخامس السادس المیلادیین. وعلیه ربماقد جاءت فکرة انتشار هذا الطراز من الشرق ولیس الغرب کما کان یُعتقد.وأن هذه الظاهرة یمکن من خلالها تحقیق مفهوم التطور المعماری وفقًا لاحتیاجات المؤمنین وروح العقیدة وعصرها، وهو لیس بتأثیر غربی کما هو معتاد الرجوع إلیه دون إحساس بطبیعة المکان وطبوغرافیته والرؤیة الاجتماعیة والثقافیة للمجتمع المصری فی تلک الفترة.