malko, odesho. (2012). تل التوبة في نينوى "مثال على التوارث الحضاري والآثاري". حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 15(1), 209-209. doi: 10.21608/cguaa.2012.33413
odesho malko. "تل التوبة في نينوى "مثال على التوارث الحضاري والآثاري"". حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 15, 1, 2012, 209-209. doi: 10.21608/cguaa.2012.33413
malko, odesho. (2012). 'تل التوبة في نينوى "مثال على التوارث الحضاري والآثاري"', حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 15(1), pp. 209-209. doi: 10.21608/cguaa.2012.33413
malko, odesho. تل التوبة في نينوى "مثال على التوارث الحضاري والآثاري". حولية الاتحاد العام للآثاريين العرب "دراسات فى آثار الوطن العربى", 2012; 15(1): 209-209. doi: 10.21608/cguaa.2012.33413
تل التوبة في نينوى "مثال على التوارث الحضاري والآثاري"
ضمن مساحة نينوى عاصمة الآشوريين القديمة الواقعة على الساحل الشرقي لنهر دجلة, يوجد تلان کبيران يفصلهما نهر الخوصر. النهر الذي يقّسم نينوى إلى شطرين. والتلان يقعان على حافة السور الغربي للمدينة ويطلان على نهر دجلة. التل الکبير الواقع شمال الخوصر يسمى حالياً بتل قوينجق (تسمية ترکية), ويضم بقايا آثار أکثر من (75) قصراً من قصور المملکة الآشورية. أما توأمه والذي يقع إلى الجنوب من النهر فيسمى بتل التوبة أو تل (نبي يونس) وهو التل قيد الدراسة.
حسب المکتشافات الآثارية وما خلفه المؤرخون, ان هذا التل کان في الاصل معبداً دينياً منذ العصور القديمة. ومن ثم تحول المعبد الى قصر ملکي فخم للملک ادد نيراري الثالث (810-783)ق.م. ابن شمشي ادد الخامس. وعندما جلس على العرش آشورخدون (681-669)ق.م. ابن الملک سنحاريب الآشوري بعد مقتله. کان ذلک البناء (القصر) قد تحول الى خربة تستخدم مخزناً للاسلحة ومربطاً للخيول العسکرية, لان هذا الجزء من نينوى أي جنوبي نهر الخوصر کان في معظمه موقعاً عسکرياً لحامية نينوى. فهدمه آشورخدون وحوله الى قصر امبراطوري فخم وزينه بالمنحوتات والکتابات الآشورية الجميلة کما کان الحال مع قصور الملوک آنذاک. وقد ترک لنا فيه بعض التحف الفنية المصرية التي کان قد جلبها الى نينوى اثناء احتلاله لمصر الفرعونية.
بعد السقوط المدمر لنينوى 612 ق.م. عاد من سلم من اهلها إليها وعمروا المساکن والمعابد فوق الاسس وبقايا العمران على التل, واحاطوه بسور. وصار الموقع يعرف بالحصن الشرقي (شرق دجلة).
بعدها عندما خضعت البلاد للاحتلال الفارسي, قام المحتلون الجدد ببناء معبداً مجوسياً فوق قصر آشورخدون حسب (نظرية توارث الاديان والعقائد والحضارات). ومع قدوم المسيحية وانتشار ثقافة العهد القديم بين الناس, ظن الآشوريون (المسيحيون) ان هذا التل لا بدّ وان يکون ذلک الذي قصده النبي التوراتي يونان بن متاي يوم اراد التبشير لاهل نينوى. فاقاموا عليه (على انقاض من بنى قبلهم) ديراً فخماً باسم دير مار يونان, يعمه الرهبان. واصبح للدير مکانة علمية وروحانية کبيرة في کنيسة المشرق الآشورية لقرون عدة. وحسب تواريخ تلک الکنسية أن بطريرک مار خنانيشوع الاول (685-700) م. اقام فيه, ومات ودفن بداخله.
وبعد مرور (650)عام على وفاة مار خنانيشوع اکتشف جثمانه وهو سليم, في موقع صلاة خاص بالاسلام, وکان الجثمان موضوعاً في تابوت خشبي من الصنار (نوع من الخشب). هنا حصلت عملية استحالة ومسخ الحقيقة, ولا زالت حية قائمة. عندما تحول البطريرک الآشوري بفعلها الى نبي يهودي, وهو يونان (يونس) بإجراء اسلامي بحت. ومنذ ذلک الوقت صار القبر يعرف بـ (قبر يونان /يونس).
واصل حکاية مسخ البطريرک الى نبي يونس, انما جاءت بفعل توارث الاديان, والذي في ظاهره يقوم على ازالة الماضي المارق والاتيان بالجديد المستقيم الخارق. ولکن في باطنه وحقيقته هو التقديس للسابق الى درجة الاستحواذ عليه واتخاذه رمزاً وشفيعاً بل مقدساً لدى الجماعة الجديدة. فلو نظرنا الى تتابع العملية في تل التوبة بعلمية وموضوعية مع وقفة عند المسائل الغيبية والنفسية, لوجدنا:
1- الملوک الآشوريون ومنذ القدم يستحوذون على المعبد ويحولونه قصراً ملکياً.
2- بعد زوال الملوکية من آشور يتحول الموقع الى مقر سکن ومعبد.
3- الاحتلال الفارسي يقيم في ذلک المکان معبداً مجوسياً لعبدة النار.
4- الآشوريون المسيحيون يحولونه الى دير عامر ومبجل وعلى اسم احد انبياء الله ذات العلاقة بالآشوريين.
5- الاسلام من بعدهم يحول الدير الى مسجد ومزار, ويمسخ البطريرک الآشوري الى نبي الآشوريين (من اصل يهودي) يونان. ويسمى الموقع بتل التوبة حيث تاب الآشوريون على يد يونان!
] انه التوارث الحضاري والآثاري يتجسد بالکامل في تل التوبة في نينوى [