اللغة المصرية القديمة و اللغة العربية :مدخل معجمي

نوع المستند : Original Article

المؤلف

مدرس بقسم الآثار –کلية الآداب –جامعة المنيا

المستخلص

إذا حاولنا أن نرسم خريطة لغوية للوطن العربي القديم[1] لوجدنا أنه کان يتألف أساسًا من ثلاثة أقاليم لغوية في صورة دائرتين کبيرتين.  إحداهما – وهي المعروفة اصطلاحًا بالسامية – تشمل المشرق العربي في غرب آسيا ،و الأخرى – و هي المعروفة اصطلاحًا بالحامية ،و تحديدًا الليبية - البربرية – تشمل المغرب العربي في شمال إفريقيا. و تبقى مصر في الوسط إقليمًا لغويًا محوريًا تتصل عنده و تتقاطع فيه هاتان الدائرتان2.
     و رغم أن العلاقة العضوية للغة المصرية القديمة بلغات الدائرتين عمومًا و باللغة العربية خصوصًا – سواء عندما کانت قاصرة على نطاقها الإقليمي قبل الفتح أو عندما امتدت لتغطي کل المنطقة بدائرتيها بعده ، بفصحاها و عامياتها – هي أمر مؤکد من عدة وجوه ،فإن التعرُّف على حدود هذه العلاقة کمًّا وکيفًا مازال في حاجة إلى بذل المزيد من الجهود في اتجاهات مختلفة ، منها – بل ومن أهمها - تحديد کم المشترک من الألفاظ بين اللغتين و بالتالي رصد مدى التغير الصوتي و التطور الدلالي لکل لفظ من هذه الألفاظ . هذا الدور کان من المنطقي أن تقوم به – أو تقدّم الإسهام الأکبر فيه – معاجم اللغة المصرية القديمة و معاجم اللغة العربية على حد سواء . لکن لأن اللغة العربية لا تقع في بؤرة اهتمام واضعي الأولى من الغربيين ،   نجد مثلاً أن المعجم الرئيسي للغة المصرية القديمة لا يضم من المشترک المصري– العربي سوى ستة و ستين لفظًا على وجه الحصر ،ضمن مجموع ثلاثمائة و تسعة من الألفاظ الساميّة ،   أکثر من نصفها – مائة و واحد وثمانون تحديدًا – عبري3.



[1] ربما کان هذا التعبير هنا أفضل من تعبير " الشرق الأدنى القديم " الذي لا يشمل شمال-غرب أفريقيا .


2 راجع : - G. Lefebvre , Grammair de l’Égyptien Classique , Le Caire 1955 , §§ 1-7 ;  A. Gardin Egypthan Grammar , London 1973 , § 3 ;  A. Loprieno , Ancient Egyptian: A Linguistic   Introduction , Cambridge 1996 , pp. 1-5.
 و رغم انعدام أي أساس تاريخي/ علمي لتعبيرات مثل " سامي " و " حامي " و سامي- حامي " أو " حامي- سامي " ،  إلاّ أنها بطول الاستعمال و الذيوع اکتسبت شرعية دلالية واضحة ، بحيث لا  تنافسها تعبيرات تبدو أوقع مثل "أفرو- آسيوي " و مشتقاته ،  حيث إنه جامع غير مانع  ،  فيشير بحرفيته إلى کل لغات آسيا و أفريقيا . و لعل تعبير " اللغات العروبية " قد يبدو الأنسب من وجـوه عدّة ،  لکن يبقى التعامل مع " سامي " و " حامي " أمرًا لا يمکن - في أحيان کثيرة - اجـتنابه .       
و هو تعامل - علي أي حال - يشبه التعامل مع تعبيرات  أخرى ذات طـابع أسطـوري مشـابه  مثل " عقدة أوديب/ إلکترا " في مجال التحليل النفسي مثلاً .


3- Wb VI , 241-244